مشكلتها إنها حفظ ..


كنت واحد من الناس اللى كان كل ماحد يسأله .. إنت مابتجبش تقدير ليه ؟
يقول على طول .. بص .. الكلية اللى أنا فيها دى معتمدة على الحفظ ومشكلتى إنى مابعرفش أحفظ ..
لحد أولى إعدادى كان الكل بيشهد بذكائى وتفوقى وكنت الأول على طول ..
وصلت لتانية اعدادى وبدأت أسأل نفسى سؤال وبعدين سألته للمدرسين بتوعى ..
هو أنا بدرس الحاجات دى ليه ؟ ..
لقيت الرد " هتعرف بعدين " ..
وطبعاً الرد ماكانش مقنع وإن كان بيدل على حاجة فبيدل على إنهم للأسف مش عارفين هما كمان ..
المهم فضلت أكبر والعقدة تكبر معايا وبدأت أطنش شوية بشوية ودخلت الثانوية بالعافية
ودخلت علمى لأنى كنت عايز كلية قمة فقولت تعالى على نفسك بقى شوية وهات مجموععشان تدخل الكلية اللى إنت عايزها
وبغض النظر عن الظروف اللى حصلت وخلتنى بدل ما كنت عايز أجيب 99 أجيب 93 وشوية ..
دخلت الكلية وقولت خلاص مرحلة الحفظ دى راحت خلاص وإن شاء الله هبقى دكتور فى الجامعة قد الدنيا ..
أول تيرم رتبت السابع على دفعتى وتانى تيرم السؤال رجع تانى ..
هو أنا بدرس الحاجات دى ليه ؟ ..
وبرضه كل ماسأل حد يقوللى " هتعرف بعدين " ..
والصراحة مقدرش أحكم إذا كنت هعرف بعدين ولا لا لأن بعدين ده لسه ماجاش ..
لكن اللى لاحظته إن طول فترة دراستى إتعودت على الحفظ لأن فى إعتقادى مافيش فهم ..
وترتب على ده إن حتى الحاجات اللى ممكن تتفهم بقيت أحفظها لأنها فى إعتقادى حفظ برضه
( ماهو خللى بالك المسألة تعود ) ..
م الآخر أى حاجة مش عارف أولها من آخرها بتبقى بالنسبة لى حفظ ..
وكل إهتمامى كان الجملة اللى بتقول " ذاكر لكى تنجح " مش " ذاكر لكى تبقى حاجة كويسة " ..
ذاكر للإمتحان بس ..
ومابقيتش أعمل أى حاجة فى دنيتى غير إنى ألعب طول السنة وأقعد فى آخر شهر ولا اسبوعين عشان أحفظ للإمتحان ..
ونسيت إن لو حتى جبت إمتياز مع مخدة الشرف هيبقى مخى فاضى لأنى خدت من كل فيلم مقطع من مقطوعة من أغنية ..
هو أنا مقتنع أو معتقد إن الكلية حفظ ليه ؟ ..
لأن عشان أفهم حاجة لازم أكون عارف الأساس اللى اتبنت عليه ووصلت لإيه دلوقتى وهشتغل بيها إزاى وإزاى أطور فيها ..
هو ده الفهم ..
مش إنى أفهم حتة من مجال مش عارف أوله من آخره من فايدته ..
ماينفعش كل دكتور يدخل يقوللى أنا بديلك الأساسيات وانت تكمل !..
هكمل فى إيه ولا إيه !..
أكمل دى مش بالسهولة اللى الكلية متخيلاها ..
عشان أكمل فى كل مادة محتاج سنين عشان أفهمها كما يجب وانا بدرس كل سنة 10 مواد مختلفين عن بعض ..
هجيب وقت منين ؟! ..
يبقى أنا لما بقول إن الكلية مثلاً مشكلتها إنها حفظ مش معنى كده إنى بلغى وجود الفهم ..
لا .. الفهم موجود لكن مجمله حفظ .. ليه ؟
لأن ليس له أول وليس له آخر ولا يتم تطبيقه ..
مصطفى السباعى فى خواطره بيقول .. ليس العلم أن تعرف المجهول .. ولكن أن تستفيد من معرفته ..
قولت أمال الناس اللى بتجيب إمتيازات دى أو الناس اللى شغالة فى شركات بره من سنة تانية ومع ذلك بتجيب مقبول ..
إيه فرقهم عنى ؟
فرقهم عنى إنهم حددوا هدفهم وصمموا يوصلوا ليه مهما حصل ..
وتحديد الهدف بيبقى على حسب قدراتك وإمكانياتك وإنت عايز إيه ..
مش مجرد انك تقول خلاص أنا قررت آخد نوبل فى علوم الكمبيوتر ..
لا .. ماكانش حد غُلب لو كان تحديد الهدف بالسهولة دى ..
ولأن الكلية كانت واخدانى فى دوامة مالهاش آخر المحاضرة الفلانية فى اليوم الفلانى والسكشن الفلانى فى الميعاد الفلانى
ولو حبيت أحضر كل حاجة بلاقى الأسبوع كله ضاع من غير إستفادة عشان أصلاً أنا مقتنع إنى رايح ومش هفهم حاجة ..
مش عشان غبى لا قدر الله لكن عشان الفهم بالنسبة لى هو اللى قولته فوق ..
فضلت سنين تايه لمجرد إنى مش عارف أحدد هدفى .. وماعرفتش أحدده غير لما رجعت لربنا .. إزاى ؟
فى يوم من الأيام كنت بسمع قرآن وكلنا الحمد لله بنشغل قرآن لكن قليل قوى اللى بيسمعه ..
الشيخ الشعراوى ( رحمه الله ) قال إن القرآن بيخاطب ملكات خفية فى النفس لا نعرفها نحن ولكن يعرفها الله سبحانه وتعالى خالق الإنسان وهو أعلم به ..
وفعلاً زمان كنت بستغرب لسيدى الله يرحمه ..
اللى كان كل يوم الصبح يشغل سورة يوسف للشيخ سيد سعيد أو قصار السور للشيخ سيد متولى أو سورة طه للشيخ أحمد أبو المعاطى ..
ويقعد يقول الله والله أكبر ويبقى معلى التسجيل على آخره وكان محسسنى إنه فاهم كل كلمة بتتقال مع إنه ماكانش بيعرف يقرى ولا يكتب
لكن القرآن ماكانش بيخاطب قدرته على القراءة أو الكتابة لكن كان بيخاطب حاجة جواه لا يعلمها إلا الله ..
وعشان كده أئمة الكفر كانوا بيخافوا إن الكفار يسمعوا القرآن وحاولوا منعه بأى وسيلة ..
قال تعالى " وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وألغو فيه لعلكم تغلبون " ..
ومع ذلك كان الكفار بيسمعوا القرآن من ورى بعضهم وقالوا ..
إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يُعلى عليه ..

نرجع لليوم اللى كنت مشغل فيه قرآن وكانت سورة طه ( بالمناسبة السورة دى هى سبب إسلام سيدنا عمرو بن الخطاب )
سمعت ربنا بيقول ..
" ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشةً ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربى لما حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى " ..
هى دى الآية اللى هزتنى وبدأت منها التغيير ..
رجعت لربنا والمرة دى رجعت بجد مش زى كل مرة ..
ولما بقيت مع ربنا حسيت براحة نفسية كبيرة جداً ..
وهى دى جنة الدنيا ( الراحة النفسية ) ..
وافتكرت الشيخ محمد حسان لما قال إن الإيمان بيزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ..
ففضلت أزود فى الطاعة وأزود فى الطاعة عشان يزيد إيمانى ويكون المرة دى صلب ثابت عشان ماارجعش لمعصية ربى تانى ..
ومن عرف ربه رأى كل مافى الحياة جميلا ..
وبدأت أحدد أنا عايز إيه فلقيت ربنا بيهدينى للصح واللى كان غايب عنى قبل كده ( لقيت قدامى 3 طرق ) ..
وكل طريق هيوصلنى لحاجة كويسة .. وعلى حسب ظروفى إخترت الطريق التالت ..
وكل حاجة فى حياتى بقى فيها بركة ..
وقتى فيه بركة ..
مالى فيه بركة ..
مذاكرتى فيها بركة ..
أمى راضية عليا ..
أبويا فخور بيا ..
عايش فى دنيا كلها أمل وتفاؤل وسعادة اللى هى نفسى ..
راح الزهق والإحباط والملل وراحت الكراهية والحقد والغيرة والحسد ..
قارنت حياتى زمان وحياتى دلوقتى لقيت إنى ما كنتش عايش ..
وحسيت بقيمة كلام الشعراوى لما إتسأل .. كيف يموت القلب ؟ فقال ..
يموت القلب إن شُغل بغير الله ..