بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ندخل فى الموضوع على طول :) :)
أقدر أعرف إنتى ليه عايزة تخشى الجامعة ؟
عشان أتعلم !!
العلم مش فى الجامعة .. العلم فى الكتب ومش ضرورى تخشى الجامعة عشان تقرى أى كتاب
ما حدش يصدق إنى اتعلمت إلا لما يبقى فى ايدى شهادة ..
وعايزة الشهادة تعملى بيها إيه .. حتطبخى بيها .. هتربى بيها العيال ؟!
تبقى سلاح فى ايدى استغنى بيه عن الناس ..
حتى عن جوزك ؟!
جوزى طول ما بيصرف عليا يقدر يذلنى ويفرض عليا إرادته ويعمل فيا اللى هوه عايزه .. أنا استحملت كتير عشان كنت محتاجة لعمتى وجوز عمتى ( مامتها ماتت وهى صغيرة ووالدها وداها لعمتها عشان تربيها ) .. وما أقدرش أفضل مستحملة طول عمرى عشان محتاجة لجوزى ..
الجواز مش أكل عيش يا أمينة .. الجواز يعنى اتنين بيحبوا بعض ويثقوا فى بعض وعايزين يعيشوا مع بعض .. والراجل ما بيصرفش على مراته عشان يذلها إنما لأنه محتاج لها زى ما هى محتاجة له ويمكن أكتر .. وهمه الاتنين بيعاونوا بعض على الحياة .. هو بيشتغل بره وهى بتشتغل فى البيت..
بتشتغل فى البيت خدامة .. يطردها وقت ما يعوز ويمرمط فيها زى ماهو عايز .. وافرض إن الحب اللى بتقول عليه انتهى .. تعمل إيه الست ؟ تفضل مستحملة الهم لأنها مضطرة تعيش معاه ومضطرة تقعد فى بيته ؟ ومضطرة توكل نفسها وتوكل أولادها .. عشان كده لازم يبقى معايا شهادة علشان ما أضطرش أقعد فى بيت مش عايزة أقعد فيه .. وابقى حرة وجوزى يفهم إنى زيى زيه أقدر استغنى عنه زى ما هو يقدر يستغنى عنى .. ويمكن لما يعرف كده يحترمنى ويبقى عليا ..
عمر ما الراجل احترم مراته علشان عندها شهادة وعمره ما بقى عليها لأنه عارف إنها مستغنية عنه .. الراجل بيحترم مراته لأنها ست محترمة وبيبقى عليها لأنه محتاج ليها ولأنه سعيد بيها ولأنها جزء من حياته ..
وانت خاسس عليك إيه .. مش يبقى أحسن لما آخد شهادة واشتغل وأحط فلوسى على فلوسك ونعيش أحسن ما كنا هنعيش ..
إنتى كمان عايزة تشتغلى ؟
وليه لأ ؟
شغل البيت كفاية على الست .. دا شغل عايز وقتها كله ( والدتى أنا قالتلى إن شغل البيت ما بيخلصش :) ) ..
يعنى هفضل أكنس وأطبخ طول النهار والليل ؟!
كفاية إنك تقعدى فى انتظار جوزك .. الإنتظار يولد الشوق .. والشوق يولد الحب .. والحب هو السعادة .. تصورى سعادة الراجل وهو راجع البيت ملهوف وعارف إن مراته مستنياه .. وتصورى سعادة الزوجة لما الساعة تبقى اتنين ويقرب معاد عودة زوجها بعد ما استنته ساعتين وتلاتة .. وتصورى شقاء الإتنين لما كل واحد منهم يرجع شقيان من الشغل وعارف إن مفيش حد فى انتظاره .. دى تبقى حياة كرب .. حياة آلية .. يبقى مفيش لزمة للجواز ..
اسمح لى أقولك إنك راجل خيالى مش واقعى ..
واسمحيللى أقولك إنك مش عايزة تتجوزى .. يمكن مش عاجبك .. يمكن حاطه عينك على راجل تانى .. مين عارف !
سكتت أمينة شوية وأرخت أهدابها فوق عينيها ثم قالت فى صوت ناعم وقد احتقنت وجنتاها حياء .. أحلفلك إن مفيش حد تانى واحلفلك إن عمرى ما اتمنيت راجل أحسن منك .. إنت فى نظرى زوج مثالى .. لكن أرجوك تحاول تفهمنى .. انا قعدت طول عمرى مستنية اليوم اللى اقدر أدخل فيه الجامعة وأحلم إنى اشتغلت وبقيت حرة نفسى .. وخايفة لو اتجوزت قبل ما احقق حلمى إنى أفضل ندمانة طول عمرى وأعكنن عيشة اللى يتجوزنى .. قول عليا مجنونة .. قول عليا عنيدة ومغفلة .. لكن ما أقدرش .. أنا كده .. انت تستحق واحدة أحسن منى .. وكانت تتكلم وكأنها تبكى .. تبكى نفسها وتبكى ضياعه منها ..
قال فى صوت محشرج كأنه يخنق قلبه .. اللى تشوفيه يا أمينة .. دى حياتك ومستقبلك .. ومد يده لها مصافحاً ..
ومدت له يدها وهى مطأطئة الرأس وكأنها تخفى دموعها .. وسحب يده من يدها وأدار لها ظهره واتجه إلى الباب .. وما كاد يخرج حتى سقطت أمينة فوق مقعدها تبكى وتضرب مسند المقعد بقبضتيها وكأنها تضرب شيطاناً يعيش فى صدرها .. شيطاناً عنيداً يملى عليها تصرفاتها ولا تستطيع أن ترد له أمراً ..
الجزء التانى .. أمينة اشتغلت
قال وكأنه يتهكم ..
وصلتى لفين ؟
للحرية .. حريتى .. الحرية اللى العباسية بتعتبرها قلة أدب .. أنا دلوقتى حرة وما أظنش إنى قليلة الأدب ..
قال وبين شفتيه ابتسامة ساخرة .. وما أظنش إنك حرة !
قالت فى حدة وكأنها أُهينت .. مش حرة إزاى .. أنا اتحررت من كل حاجة .. اتحررت من العباسية وتحررت من التقاليد وتحررت من الزواج وتحررت من حاجتى لواحد يصرف عليا .. أنا دلوقتى زيي زيك .. إنت عندك شهادة وأنا عندى شهادة .. وانت بتشتغل وأنا بشتغل .. وانت بتكسب وانا بكسب .. ومؤكد إنى بكسب أكتر منك .. يبقى ازاى أنا مش حرة ! .. ناقصنى إيه علشان أبقى حرة ؟!
وكان صوتها قد بدأ يرتفع وبدت كأنها غاضبة .. ورد عليها فى هدوء بارد وابتسامته الضيقة تشق شفتيه ..
ناقصك إنك تكونى حرة !!
والتفتت إليه فى حدة وقالت .. إسمع يا استاذ عباس .. .. وقاطعها قبل أن تتم كلامها ..
ما تزعليش .. واسمحيللى اسألك سال واحد .. إنتى عايزة تكونى حرة ليه ؟!
قالت وكأنها تضرب كفاً على كف .. هى الحرية كمان لازم يكون ليها سبب ؟!
قال وهو جاد كأنه يلقى درساً .. الحرية وسيلة مش غاية .. أنا مثلاً عايز الحرية علشان أكتب ما أعتقده .. وبطالب بالحرية لخصمى عشان هو كمان يكتب ما يعتقده .. لأنى أؤمن أن حرية الرأى هى التى توصلنا للرأى الصحيح .. وإذا كان الطريق للحرية صعب فالطريق بعد الحرية أصعب .
وصمتت برهة كأنها تستوعب هذا الكلام ثم قالت كأنها تدافع عن نفسها .. أنا عايزة الحرية عشان أعمل اللى أنا عايزاه !
قال مبتسماً .. عايزة إيه ؟
قالت وقد بدأت تحتد من جديد .. عايزة أكسب قوتى بإيدى زى أى راجل !
قال وابتسامته لا تفارق شفتيه .. الرجالة بيضحوا بقوتهم علشان الحرية .. يبقى مش معقول إنهم بيطالبوا بالحرية عشان القوت !
قالت وقد ارتفع صوتها .. على كده بقى كل الرجالة فى مصر عبيد .. مادام بيشتغلوا عشان يكسبوا عيشهم !
فعلاً .. موظف الحكومة عبد للحكومة .. وبياع البليلة عبد للبليلة والعامل عبد للآلة اللى بيقف قدامها .. إنما كل دول عبيد ليطالبوا بالحرية مابيطالبوش بالتحرر من الوظيفة ولا من البليلة ولا من الآلة .. وإنما بيطالبوا بشىْ أرقى وأضخم من كده .. بيطالبوا بشىء متعلق بإيمانهم .
وصمتت طويلاً وكأنها هامت فى حديثه ثم قالت .. يعنى كنت عايزنى اتجوز راجل يستعبدنى ؟
ما انتى دلوقتى متجوزة شركة أمريكية بتستعبدك .. يمكن الراجل اللى تتجوزيه يبقى أرحم بيكى من الشركة .. وأحست بمنطقه يلف حول رأسها كأنه يحاول أن يقيده ويضرب سياجاً غليظاً .. فصاحت وكأنها فزعة ..
إيه المنطق ده .. عايزنى أتجوز راجل ماحبوش بدل ما ابقى حرة واشتغل فى شركة محترمة ؟!
قال ساخراً .. وانتى دلوقتى بتحبى الشركة ؟
قالت .. وايه دخل الحب فى العمل ؟
قال .. لما الواحد يبقى حر يقوم ما يعملش إلا العمل اللى يؤمن بيه .. والإيمان نوع من الحب .. وما أظنش إنك بتؤمنى بمنتجات الشركة الأمريكية !!
قالت وهى تحاول أن تسخر من كلامه .. على حسب كلامك .. يبقى لو اتجوزت واحد بحبه ابقى عبده له ولو عملت عمل أؤمن بيه ابقى عبده له برضه .. يعنى لا مفر من العبودية ..
قال كأنه يُلقى خطاباً سياسياً .. الحب هو العذر الوحيد الشريف للعبودية .. إن الإنسان يحب وطنه فيصبح عبداً له .. ويؤمن بمبدأ فيصبح عبداً له .. ويحب أمه فيصبح عبداً لها .. ولكن العبودية التى ليس لها عذر هى أن تتزوجى رجلاً لا تحبينه أو تعملى عملاً لا تؤمنين به ..
وصمتت تانى .. ثم قامت فجاة من فوق مقعدها .. وقالت وهى تمد يدها إليه مصافحة .. أحب أقولك إننا مش ممكن نتفق .. وأنا لسه مؤمنة بحريتى ..
ياترى أمينة غلطانة ولا صاحبنا اللى محبكها ؟
:) :)