أكرهك .. أحبك




حينما تقول البنت لصاحبها .. أكرهك جدا .. لا أطيق رؤيتك ..

أود أن أطلق عيك الرصاص .. لقاء الموت أهون من لقائك ..

حينما تمزق شعرها من البغض وتنشب أظافرها فى الهواء من الغيظ ..

فإنها تكون فى حالة حب وليست فى حالة كراهية ..

لا فرق بين الحب والكراهية ..

كلاهما نار .. كلاهما إهتمام شديد .. وإرتباط حار بين قلبين ..

ولولا الإهتمام .. لما كان الدم يفور هكذا ..ولا الأعصاب تتمزق ..

والكراهية تكلف أكثر من الحب .. لأنها إحساس غير طبيعى ..

إحساس عكسى مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض ..

تحتاج إلى قوة إضافية وتستهلك وقودا أكثر ..

الكراهية نمو إلى تحت وليس نمو إلى فوق ..

إنها نمو يتغذى على نفسه ويأكل بعضه ..

والحب الذى ينقلب بسرعة من غرام ملتهب إلى كراهية ملتهبة ..

هو الحب الشهوانى الأنانى الصغير الضيق الأفق الذى لا يحالفه الفهم والعقل ..

إن إنتقاله فجأة إلى البغض لا يدل على إنفتاح النفس على تسامح كريم ..

وإنما هو يكشف عن الشح والبخل ..

ويدل على إنحصار النفس فى رغبة واحدة أنانية أو لذة محدودة ..

ما تلبث أن تقلب الحب حقدا .. حينما تبوء بالخذلان ..

فتسحب البنت قبلاتها وتستبدلها بصفعة عاجلة ..

إنها لم تكن تحب رجلها فى الحقيقة .. وإنما كانت تحب نفسها ..

وتحب غرورها وكرامتها وراحتها ولذتها .. ثم أصبحت تكره فيه أنه يخذلها ..

نار الحب ونار الكراهية .. كانت نارا واحدة ..

هى غرامها بنفسها وتلذذها بما يرضيها .. ورفضها لما يجرحها ويؤذيها ..

والكراهية لا تدوم طويلا .. إنها تحرق نفسها مع الزمن ..

ثم تنفتح فى النهاية على فهم أرحب للدنيا ..

وعلى إدراك حنون لطبيعة الناس وطبيعة الأشياء ..

وليس صحيح أن أول حب هو أعظم حب ..

والصحيح أن أول حب هو أصغر حب ..

وأكبر غلطة يرتكبها الرجل أن يتزوج أول حبه ..

الشعور المتكرر بعد كل لذة هو العطش وعدم الإكتفاء ..

ثم العطش ثانية .. ثم العطش .. ثم التعب .. ثم اليأس من الشبع والراحة ثم الملل ..

أحبك .. هى الكلمة الجميلة الوحيدة التى يتحرك فيها الإنسان ..

ويفضل إمرأة بالذات .. يطلبها بالإسم .. ويعلن إرتياحه لوجوده معها ..

إنها الكلمة الوحيدة التى تتضمن حريته وإختياره ومزاجه وشخصيته ..

إنه يفتح بيته وقلبه ونفسه وروحه .. ويستقبل روحا أخرى ..

ويستضيفها ويأتنس بها .. وينتعش بها كما ينتعش بدخول الشمس إلى غرفته ..

ويحضر معها بكل وجوده .. بجسمه .. وطبيعته .. وعاطفته .. وعقله .. وثقافته ..

ويستمتع معها بهذا الحضور الكامل .. بلا كراهية .. بلا أنانية .. بلا غيرة ..

والرجل لا يستطيع أن يبلغ هذه الدرجة من الحب إلا بعد الثلاثين ...

الرجل فى حبه الأول يكون أفلاطونيا خجولا ..

وفيه حبه الثانى يكون شهوانيا جسورا ..

وفى حبه الثالث يكون عطوفا حنونا ..

وهو فى هذه المرحلة يكون أحسن حبيب وأحسن زوج ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق